فصل: (سورة يوسف: آية 111)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الإعراب:

{قل} فعل أمر، والفاعل أنت (ها) حرف تنبيه (ذه) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ: {سبيلي} خبر مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على ما قبل الياء.. و (الياء) ضمير مضاف إليه: {أدعو} مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على (الواو)، والفاعل أنا: {إلى اللّه} جارّ ومجرور متعلّق بـ: {أدعو}،: {على بصيرة} جارّ ومجرور متعلّق بحال من فاعل أدعو، أي مستيقنا: {أنا} ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع توكيد لفاعل أدعو، (الواو) عاطفة (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع معطوف على الضمير المستتر فاعل أدعو،: {اتّبعني} فعل ماض، و (النون) للوقاية، و (الياء) ضمير مفعول به، والفاعل هو وهو العائد (الواو) عاطفة: {سبحان} مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره أسبح: {اللّه} لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (ما) حرف نفي عامل عمل ليس،: {أنا} ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع اسم ما: {من المشركين} جارّ ومجرور خبر ما، وعلامة الجرّ الياء.
جملة: {قل...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {هذه سبيلي...} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {أدعوا إلى اللّه...} لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: {اتّبعني...} لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة: (أسبح): {سبحان...} في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة: {ما أنا من المشركين...} في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
(الواو) عاطفة (ما) مثل الأول ولا عمل له: {أرسلنا} فعل ماض مبنيّ على السكون.. و (نا) ضمير فاعل: {من قبلك} جارّ ومجرور متعلّق بـ: {أرسلنا}.. و (الكاف) ضمير مضاف إليه: {إلّا} أداة حصر: {رجالا} مفعول به منصوب: {نوحي} مضارع مرفوع، وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل نحن للتعظيم (إلى) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ: {نوحي}،: {من أهل} جارّ ومجرور متعلّق بنعت لـ: {رجالا}،: {القرى} مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف (الهمزة) للاستفهام (الفاء) عاطفة (لم) حرف نفي وجزم: {يسيروا} مضارع مجزوم، وعلامة الجزم حذف النون.. و (الواو) فاعل: {في الأرض} جارّ ومجرور متعلّق بـ: {يسيروا}، (الفاء) عاطفة: {ينظروا} مثل يسيروا ومعطوف عليه: {كيف} اسم استفهام مبنيّ في محلّ نصب خبر كان الماضي الناقص- الناسخ-: {عاقبة} اسم كان مرفوع: {الّذين} اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه: {من قبلهم} جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة الموصول.. و: {هم} ضمير في محلّ جرّ مضاف إليه (الواو) استئنافيّة (اللام) لام الابتداء للتوكيد: {دار} مبتدأ مرفوع: {الآخرة} مضاف إليه مجرور: {خير} خبر مرفوع (اللام) حرف جرّ: {الّذين} موصول في محلّ جرّ متعلّق بـ: {خير}،: {اتّقوا} فعل ماض مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين.. و (الواو) فاعل: {أفلا} مثل أفلم والحرف غير جازم: {تعقلون} مضارع مرفوع... و (الواو) فاعل.
وجملة: {ما أرسلنا...} لا محلّ لها معطوفة على جملة الاستئناف قل...
وجملة: {نوحي إليهم...} في محلّ نصب نعت لـ: {رجالا}.
وجملة: {لم يسيروا...} لا محلّ لها معطوفة على جملة {أرسلنا}.
وجملة: {ينظروا...} لا محلّ لها معطوفة على جملة {يسيروا}.
وجملة: {كان عاقبة...} في محلّ نصب مفعول به عامله فعل النظر المعلّق عن العمل المباشر بالاستفهام: {كيف}.
وجملة: {دار الآخرة خير...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {اتّقوا...} لا محلّ لها صلة الموصول: {الّذين}.
وجملة: {تعقلون...} لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي أجهلتم فلا تعقلون.

.[سورة يوسف: آية 110]

{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)}

.الإعراب:

{حتّى} حرف ابتداء: {إذا} ظرف للزمن المستقبل مبنيّ في محلّ نصب متعلّق بـ: {جاءهم}،: {استيئس} فعل ماض: {الرسل} فاعل مرفوع (الواو) عاطفة: {ظنّوا} فعل ماض وفاعله: {أنّهم} حرف مشبّه بالفعل...
و{هم} ضمير في محلّ نصب اسم أنّ: {قد} حرف تحقيق: {كذبوا} ماض مبنيّ للمجهول.. و (الواو) نائب الفاعل (جاء) مثل {استيئس} و (هم) ضمير مفعول به: {نصرنا} فاعل مرفوع.. و (نا) ضمير مضاف إليه (الفاء) عاطفة: {نجّي} فعل ماض مبنيّ للمجهول: {من} اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع نائب الفاعل {نشاء} مضارع مرفوع، والفاعل نحن للتعظيم (الواو) استئنافيّة (لا) نافية: {يردّ} مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع: {بأسنا} نائب الفاعل مرفوع.. و (نا) ضمير مضاف إليه: {عن القوم} جارّ ومجرور متعلّق بـ: {يردّ}،: {المجرمين} نعت للقوم مجرور وعلامة الجرّ الياء.
جملة: {استيئس الرسل...} في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: {ظنّوا...} في محلّ جرّ معطوفة على جملة {استيئس الرسل}.
وجملة: {قد كذبوا...} في محلّ رفع خبر أنّ.
والمصدر المؤوّل: {أنّهم قد كذبوا..} في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي {ظنّوا..}
وجملة: {جاءهم نصرنا...} لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: {نجّي من نشأ...} لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب الشرط.
وجملة: {نشاء...} لا محلّ لها صلة الموصول: {من}.
وجملة: {لا يردّ بأسنا...} لا محلّ لها استئنافيّة.

.[سورة يوسف: آية 111]

{لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثًا يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شيء وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)}

.الإعراب:

(اللام) لام القسم لقسم مقدّر: {قد} حرف تحقيق: {كان} ماض ناقص- ناسخ-: {في قصصهم} جارّ ومجرور متعلّق بخبر مقدّم لـ: {كان}.. و: {هم} ضمير في محلّ جرّ مضاف إليه: {عبرة} اسم كان مرفوع: {لأولي} جارّ ومجرور نعت لعبرة، وعلامة الجرّ الياء فهو ملحق بجمع المذكّر: {الألباب} مضاف إليه مجرور: {ما} نافية: {كان} مثل الأول، واسمه ضمير مستتر تقديره هو أي القرآن: {حديثا} خبر منصوب: {يفتري} مضارع مبنيّ للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الواو) عاطفة: {لكن} حرف للاستدراك مهمل: {تصديق} معطوف على: {حديثا} منصوب: {الّذي} اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه: {بين} ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف صلة الموصول: {يديه} مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.. و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة: {تفصيل} معطوف على تصديق منصوب: {كلّ} مضاف إليه مجرور: {شيء} مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة في الموضعين هدى رحمة اسمان معطوفان على {تصديق} بحر في العطف منصوبان: {لقوم} جارّ ومجرور متعلّق بـ: {رحمة}،: {يؤمنون} مضارع مرفوع.. و (الواو) فاعل.
جملة: {قد كان في قصصهم عبرة...} لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة: {ما كان حديثا...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {يفتري...} في محلّ نصب نعت لـ: {حديثا}.
وجملة: {يؤمنون...} في محلّ جرّ نعت لقوم.

.البلاغة:

1- في قوله تعالى: {لِأُولِي الْأَلْبابِ} فن يطلق عليه القدامى الاسم الآنف الذكر، وهو من البيان بمثابة القلب من الإنسان، وهو يدق إلا على من صفت قرائحهم، واستغزرت ملكة الفصاحة فيهم. وفي هذه الجملة اختلاف صيغة اللفظة، ونعني به نقلها من هيئة إلى هيئة، حيث انتقل من الإفراد إلى التثنية والجمع، وذلك في لفظة اللب الذي هو العقل لا لفظة اللب الذي تحت القشر، فإنها لا تحسن في الاستعمال إلا مجموعة وكذلك وردت هنا. اهـ.

.قال محيي الدين الدرويش:

سورة يوسف:
مكية.
وآياتها إحدى عشرة ومائة.

.[سورة يوسف: الآيات 1- 6]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ (3) إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (4) قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)}

.اللغة:

{الْقَصَصِ}: على وجهين: أحدهما يكون مصدرا بمعنى الاقتصاص تقول قصّ الحديث يقصّه قصصا وثانيهما يكون فعلا بمعنى مفعول كالنفض بمعنى المنفوض واشتقاقه من قصّ أثره إذا تبعه لأن الذي يقصّ الحديث يتبع ما حفظ منه شيئا فشيئا.

.الإعراب:

{الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ} {الر} تقدم اعرابها والقول فيها و{تلك} مبتدأ و{آيات} خبر و{الكتاب} مضاف اليه و{المبين} صفة لـ: {الكتاب}.
{إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ان واسمها وجملة {أنزلناه} خبرها و{قرآنا} حال من ضمير {أنزلناه} أي الهاء وقيل انتصب على البدلية من الضمير، و{عربيا} صفة و{لعلكم تعقلون} لعل واسمها وجملة {تعقلون} خبرها..
{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ} {نحن} مبتدأ وجملة {نقص} خبر والفاعل مستتر تقديره نحن و{عليك} متعلقان بـ: {نقص} و{أحسن} مفعول به إذا كان {القصص} مصدرا بمعنى المفعول ومفعول مطلق إذا كان {القصص} مصدرا غير مراد به المفعول و{القصص} مضاف اليه والباء للسببية وما مصدرية وهي مع ما في حيزها مجرورة بالباء والجار والمجرور متعلقان بـ: {نقص} أيضا أي بسبب ايحائنا و{إليك} متعلقان بأوحينا وهذا مفعول به والقرآن بدل من اسم الاشارة..
{وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ} الواو للحال وان مخففة من الثقيلة وكان واسمها و{من قبله} حال واللام الفارقة و{من الغافلين} خبر {كنت}..
{إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} يجوز لك أن تعلق {إذ} الظرفية بفعل مضمر أي اذكر ولك أن تجعله بدل اشتمال من {أحسن القصص} ويجوز أن يتعلق بـ: {نقص} ولكن في هذا إخراجا لاذ^ عن المضي، وجملة {قال يوسف} مضاف إليها الظرف و{لأبيه} متعلقان بـ: {قال} و{يا} حرف نداء و{أبت} منادى مضاف إلى ياء المتكلم التي حذفت وعوضت عنها التاء المكسورة أو المفتوحة وسيرد المزيد عنها في باب الفوائد وكسرت همزة إن بعد القول والياء اسم ان وجملة {رأيت} خبرها و{أحد عشر} جزءان عدديان مبنيان على الفتح في محل نصب مفعول به لـ: {رأيت} و{كوكبا} تمييز ورأيت من الرؤيا أي المنام وهي تنصب مفعولين..
{وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ} الواو حرف عطف و{الشمس والقمر} معطوفان على {أحد عشر كوكبا} و{رأيتهم} فعل وفاعل ومفعول به وليست تأكيدا لـ: {رأيتهم} الأولى و{لي} متعلقان بـ: {ساجدين} و{ساجدين} مفعول به ثان لـ: {رأيتهم} وأعربها أبو البقاء حالا وقال ان الرؤية عينية وسيأتي تحقيق هذا في باب البلاغة..
{قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ} {يا بني} تقدم أعربها في هود و{لا ناهية} و{تقصص} فعل مضارع مجزوم بلا و{رؤياك} مفعول به و{على إخوتك} جار ومجرور متعلقان بـ: {تقصص}..
{فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} الفاء سببية ويكيدوا منصوب بأن مضمرة لأنه وقع جوابا للنهي والواو فاعل و{لك} متعلقان بيكيدوا و{كيدا} يحتمل أن يكون مفعولا مطلقا مؤكدا ويحتمل أن يكون مفعولا به أي يصنعوا لك كيدا و{إن الشيطان} إن واسمها و{للانسان} حال و{عدو} خبر {إن} و{مبين} صفة.
{وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ} {كذلك} نعت لمصدر محذوف أي كما اجتباك واختارك لهذه الرؤيا العظيمة {يجتبيك} لأمور عظام، والكاف مفعول {يجتبيك} و{ربك} فاعل {ويعلمك} ليس عطفا على {يجتبيك} ولكنه كلام مستأنف كأنه قيل وهو يعلمك ويتم نعمته، و{من تأويل} جار ومجرور متعلقان بـ: {يعلمك} و{الأحاديث} مضاف اليه..
{وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ} عطف على {يعلمك} و{نعمته} مفعول به و{عليك} جار ومجرور متعلقان بـ: {نعمته} أو بـ: {يتم} {وعلى آل يعقوب} عطف عليه..
{كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} {كما أتمها} نعت لمصدر محذوف أي إتماما مثل إتمامها على أبويك و{على أبويك} متعلقان بـ: {أتمها} و{من قبل} حال و{ابراهيم} بدل من {أبويك} أو عطف بيان {واسحق} عطف على {ابراهيم} وان واسمها وخبراها.

.البلاغة:

1- في قوله تعالى: {رأيتهم} تكرار يظنّه الناظر أنه تأكيد لأول وهلة وليس هو بالتأكيد وانما هو كلام مستأنف على تقدير سؤال وقع جوابا له ويجوز أن تكون للتوكيد باعتبار أن طول الفصل بالمفاعيل استدعى ذلك فجيء برأيتهم تطرية وتنويعا للحديث.
2- في قوله تعالى: {ساجدين} أجرى الكواكب الأحد عشر والشمس والقمر مجرى العقلاء وهو الذي يسميه النحاة تغليبا وهذا الوصف صناعي، أما السر البياني فأمر كامن وراء هذا الوصف ذلك لأنه لما وصف الكواكب والشمس والقمر بما هو خاص بالعقلاء وهو السجود أجرى عليها حكمهم كأنها عاقلة وهذا كثير شائع في كلامهم وسيأتي الكثير منه في القرآن.
3- براعة التخلص:
وهو فن مشهور ذائع في كلام البلغاء، وهو امتزاج ما يقدمه الكاتب أو للشاعر من البسط بأول ما استهل به كلامه كالبيت الاول من القصيدة والفقرة الاولى من المقالة على أن يختلس ذلك اختلاسا رشيقا دقيق المعنى بحيث لا يشعر السامع بالانتقال من المعنى الأول إلا وقد وقع في الثاني لشدة الممازجة والالتئام كأنهما أفرغا في قالب واحد، أو يوطئ الكاتب فيه بفصل لفصل يريد أن يأتي به بعده وإما بنكتة تشير إلى معنى الفصل المستقبل كقوله تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص} فإنه سبحانه وطأ بهذا الفصل إلى ما يأتي بعده من سرد قصة يوسف عليه السلام فتخلص به إلى ذكر القصة تخلصا بارعا فإن النكتة التي أشارت إلى وصف هذه القصة بنهاية الحسن دون سائر قصص الأنبياء المذكورة في القرآن وهي قوله: {أحسن القصص} فإن المخاطب إذا قرع سمعه هذا الوصف للقصة تنبه إلى تأملها فيجد كل قضية فيها ختمت بخير وكل ضيق انتهى إلى سعة، وكل شدة آلت إلى رخاء وذلك أمر عجيب يستحيل أن يأتي على القصة الحديثة العقدة تختم بالخير أو ما يسمّى في عرف القصة الحديثة بالحل:
1- رمي يوسف في الجب واستحكمت عقدته فنجا.
2- بيع بالثمن البخس الذي يشير في مدلوله إلى الضعة والمهانة واستحكمت العقدة ثانية فإذا الذي اشتراه يستصفيه وينزله منه بمنزلة الولد.
3- راودته التي هو في بيتها عن نفسه ووثبت الشهوة، وصرخت اللذة، وكاد العقل يقصف والرشد يغزب واستحكمت العقدة ثالثة فإذا هو يكبح جماح نفسه ويستعصم.
4- ودخل السجن، ورانت عليه ظلمته واقتمت معالمه واستحكمت العقدة رابعة فخرج منه ملكا.
5- وظفر بإخوته بعد أن عرف غدرهم به ومحاولتهم إهلاكه فلم يذهب مع هوى النفس التي تثأر وتنتقم وطأمن من غلوائه.
6- وسره اللّه بلقاء شقيقه بعد اليأس فأتنس به.
7- فارقه أبوه وحزن من أجله حتى عمي واستحكمت العقدة مرة أخرى ثم اجتمع به وسر بلقائه وارتد الوالد بصيرا.
8- جاء اللّه به من البدو وأحله بمصر على سرير الملك.
9- غضب هو وأبوه على بقية الأولاد ثم رضيا عنهم.
10- ثم وأخيرا سجد له أبواه واخوته تحقيقا لرؤياه فناسب الختام البدء وكانت براعة التخلص من أجمل ما عرف في الكتابة.
حسن التخلص في الشعر:
على أنه لا يفوتنا أن نورد بعض ما ورد من حسن التخلص في شعرنا العربي ومن المؤسف أن ينتهي غالبا بالمديح ونحن لا نقر هذا المديح ولا نعترف به إلا من حيث انه تقليد بحث أو تسجيل لما جرى على يد الممدوح من نفع عام، قال أبو تمام يمدح أبا دلف وهو بطل عربي اشتهر بجهاده:
ودع فؤادك توديع الفراق فما ** أراه من سفر التوديع منصرفا

يجاذب الشوق طورا ثم يجذبه ** جهاده للقوافي في أبي دلفا

ومن ألطف المخالص قول أبي العلاء المعري:
ولو أن المطيّ لها عقول ** وجدك لم تشد لها عقالا

مواصلة لها رحلي كأني ** من الدنيا أريد بها ان فصالا

سألن فقلت مقصدنا سعيد ** فكان اسم الأمير لهن فالا